جهاد يونس أنصاري تكتب :ملك اليمين بين الحقيقة والتدليس.

 مِلكُ اليَمين بين الحقيقةِ والتدليسِ


مِلكُ اليمين: مُصطلح قد يظُن البعض أنهُ انتهى بانتشار الإسلام والقضاء علي الرقِ والعبودية، خاصةً بعد توقيع الاتفاقية العالمية التي دعت إلي تحريم التجارة بالبشر والتي كان المسلمون طرفاً فيها.

 لكن الحقيقةً أنهُ كان كالبركانِ الخاملِ الذي يحتاج لشرارةٍ حتى ينصهى، فقد كانت الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد في الآونة الأخيرة هي الشرارة التي أدت لانتشار فكرة مِلكُ اليَمين كانتشار النارِ في الهشيمِ .

فأصبحت فكرة ملك اليمين تُمثل هوة نتجت من مُخاض كيان مُظلم_ وُلد منذُ أصبحت دولاً كالعراقِ وسوريا عالماً يضُم مجموعة من المُتطرفِين أمثال تنظيم الدولة الإسلامية، والذين يُمكن وصفِهم بمجموعةٍ من الضواري التي لا قوانين تُسيطر عليهِم، ولا حتى وجود لديهِم قواعد تحكُمهُم سوي قانون الغاب الذي يسِنُه كل ضاريةٍ فوق منطقتهِ الخاصة وليس هُناك مفر للخروجِ منه سوى بالموت.

والذي عند دخوله بعض المناطق في العراق أو غيرها من الدول التي أصبحت مأوي للمشردينِ أمثالِهم يقوم بقتلِ الرجال والتعامل مع الأطفال والنساء كسبايا حرب وترسيخ فكرة ملك اليمين لديهم.

فلقد سَمِعنا في مجتمعاتِنا العربية بزواجِ المتعة، والزواج العُرفي وزواج المسيار، كأنواع للزواجِ باختلافِ شروطِها ومِصدَاقيتُها بالطبع، ولكن الفرق في فكرةِ مِلك اليمين أنه قد أصبح البعض يُروج لتلكِ الفكرةِ من منظورٍ ديني، بما أنها كانت مُطبقة قديماً في الإسلامِ ، وأصبح العديد يُنادي بصوابِ ذلك الرأي وقد تم الاستشهاد ببعضِ الآياتِ من القرآنِ ومنها " وَمَن لّم يَستطع منكم طولاً أن ينكِحَ المُحصِنات المؤمنات فمِن ما ملكت أيمانِكُم من فتياتكم المؤمنات" إلا أنه قامت دور الإفتاء في الدول المنتشر بها تلك الفكرة بإصدار فتاوي تُنفي صحةِ هذا الادعاء ويُمكن إبطال حُجَتهِم تلك بالاستشهادِ بنفسِ الآيةِ أيضاً حيثُ قال اللهُ تعالي" فانكحوهِن بإذنِ أهلِهِن و آتوهِن أجورِهِن بالمعروفِ مُحصناتٍ غيرَ مُسافِحاتٍ ولا مُتخذاتِ أخدان" حيثُ حتي قديماً كان ملكُ اليمين بشروطٍ تقومُ علي أساسِ تكريم للمرأة وحِفظِ حقوقِها . 

ثم إنّ ملكُ اليمين الذي يُروج لهُ هذهِ الأيام لا يَمُس فكرة الشرعيةِ من قريبٍ أو بعيد،

وبالتالي فلقد أصبحت شعوبنا العربية على شفا جُرفٍ هارٍ من انهيارِ القيم والمفاهيم الدينية، إن لم تكن انهارت في بعض الدول بالفعل، وإن كان في بعض الأحيان الصمت فرض عين رداً على بعض السُفهاء ، ولكن عندما تتجاوز السفاهة الحد المسموح به يُصبح حينها الصمت محض هُراء وأنه لا يجب الاستسلام للخروج من نفق الجهل المظلم الذي أصبح يخيم على عقول العديد داخل حدود وطننا العربي. إذ يجب قيام بعض الجماعات التنويرية التي تُعَد- لِشعُوبِنا- كالعنقاء التي تُبعث من الرماد لإعادة المفاهيم الدينية والتي يمكن تدليسها – التي منها مفهوم ملكُ اليمين- إلي نِصابِها الصحيح.

وإلا فأي جهةٍ سنُحارب، أنُحارب من أجلِ استردادِ الوطن، أم نُحارب ثقافات وايدولوجيات أصبحت تتفشى في مُجتمعاتِنا وتُذلِل السُبل للانحدارِ لمستنقعٍ إن غوصنا به فلن ننجو منه؟!


جهاد يونس أنصاري- مصر.



تعليقات