نسمات عليلة تعانق وجهها ، لتهمس لها بقدوم الصباح ، غردت العصافير سنفونيتها باطرب الالحان ،و نثرت الشمس اشتها الذهبية على المكان ،اخترقت احداها عينا رغد فوضعت يداها على عينها و كشرت عن وجهها بلطافة ، سحبت الغطاء و اعتدلت في جلوسها فاذا هي بغرفة الاميرات، امعنت النظر في غطائها الوردي الناعم و ابتسمت، و بلطف وضعت قدمها فوق بساط الري استشعرته و تحسسته بقدمها فاستمتعت بهذا ،القت نظرة متفحصة لديكور الغرفة التي طالما حلمت بها ، لمحت طاولة كتب قفزت اليها ، وقفت تفتحها و تقرأ كلمات عشوائية من عدة كتب ، الى ان عثرت على مذكرتها بين الكتب، تلك المذكرة التي تحمل بين طياتها جميع اسرارها ، بكل عفوية اعادتها و انطلقت تركض في الغرفة و تقفز فوق السرير صباح مرح لها ،
ارتدت رغد ثيابها و انطلقت تسير في شوارع المدينة الخضراء التي تعبقها رائحة الورد و الياسمين ، و اشجار الكرز و اوراقها المتساقطة تضفي لمسة سحرية على المكان ،البسة على الوجود و الود و الحب يملأ المكان ارض الاحلام اه من جاذبية المكان ،
استمرت رغد في السير تارة تقفز و تارة تمشي بخطى ممشوقة كالفراشة تبتسم لبائعة الزهور فتهديها وردة حمراء كشفتاها و الريح يتلاعب بخصلات شعرها الاسود الغرابي ، و اطراف ثوبها الابيض تتطاير قليلا مع الريح ،و بخضرة المكان اكتملت اللوحة الفنية ، السعادة الابدية ، مكان لا يوجد على خارطة لا يوجد الى في الاساطير فتساءلت رغد هل انا في جنة النعيم ؟ ...صوت مدوي قطع حبل افكارها و صار الثوب الابيض ممزوجا بحمرة دمائها ،اختل توازنها و انقشع وهمها و تحطم حلمها،
فما رغد الى ابنة فلسطين ،فتاة بمئة رجل ، فتاة سرقت منها الحرب جميع أحبائها ،فتاة باعت كل ما تملك و اشترت سلاح ، فتاة رقيقة الملامح هزيلة الجسد تحمل سلاح فصارت خشونتها تعادل خشونة الرجال او اكثر ، و بقلب من حديد ، فتاة علمها الدين ان الجهاد في سبيل الوطن اعظم جهاد ، فتاة صامت عن ملذات الدنيا و سعت الى فسيح الجنان ، فتاة قاتلت جنب الرجال ، فتاة حلمت حلما ورديا و سرعان ما انقشع كالضباب،
تقف رغد تترنح اما عشرة جنود من جيش المحتل و لا يزال الرصاص يخترق جسدها و بكل رصاصة يتحطم حلم و ينطوى بين قطرات دمها فترتوى الارض بدمها الطاهر و ترحل روحها ببطىء الى بارئها و تتوعد ان يوم الوعيد قادم و محكمة العدل الكبرى هناك فسنلتقى يا قتلة و سنرى ...،و سقطت رغد شهيدة على ارض الزيتون ،الارض الطاهرة بالانبياء و دماء الشهداء ، سقطت رغد و تركت في مذكرتها احلاما لن تحققها يوما ربما ليست هي ولكن رغد اخرى او ربما روح رغد لن تسمح بانتهاء حكايتها ففي الانحاء الغربية من فلسطين دوت صرخة رضيع خارج من غرفة الولادة و تكبيرات ، دخلت الممرضة تحمل الرضيعة ذات الشعر الغرابي و الشفاه الحمراء و الخدود الممتلئة و سألت الام : انها فتاة يا سيدتي ماذا ستسميها؟
اجابت الام : رغد سيكون اسم صغرتي و احتضنتها .. ، و اخرجت مذكرة ملفوفة بثوب ابيض ممزوج بدماء وممزق ، اخرجت الام مذكرة مهترئة قليلا غشتها بقع الدماء ، و قرأت على الصفحة الاولى: انا فلسطينية الاسم و النسب فلسطينية الوجدان والروح ، فلسطينية الميلاد و الموت ، فلسطينية الديار، انا شعلة المقاومة ، انا من نسل الانبياء ، انا من يغلي وطني بدمي ، انا من ساقدم روحي و نفسي و حياتي لوطني، انا ولدت بيقين اني يوما سأشم رائحة الحرية البيضاء او اولادي من بعدي فان لم اترك نسلي من بعدي فانا و انت و كل من روحه خلقت بفلسطين سيفعل ، فلسطين ارضا بها عشت و لها سأموت ...
اغلقت الام المذكرة و مسحت دموعها و حملت رضيعتها رغد و همست في اذنها : سارعي في النمو صغيرتي فالوطن لا يزال بحاجة الى رغد و اليك و الينا ولى دعواتكم جميعا .
قصة قصيرة بعنوان : حلم وردي و حلم و بريق امل يولد
كتبت القصة بتاريخ :16افريل 2018
الكاتبة : ضيف الله ريان.
تعليقات
إرسال تعليق