بلقاسمي فريال تكتب : مقبرة الروح.

 مقبرة الرّوح🖤📎

ها انا أمشي على الطريق لا أرى سوى غبار الذكريات 

يحوم السّكون على أرجاء المكان لا اسمع سوى حفيف اوراق الأشجار تتطاير بعيدا هنا و هناك

اسئلة كثيرة تركض يمينا و شمالا بين ازقة عقلي؛ تصدرهم ذاك السؤال: "إلى اين أنا ذاهبة في هذا الوقت المتأخر؟" 

دقت السّاعة! كان صوت جرسها الصاخب جلّ ما كنت اسمعه؛ فقد كان الهدوء يخيم المكان! 

منتصف اللّيل! 

يتراقص الخوف على لحن الشجاعة؛ سمفونية حزن تعزف على اوتار وحدتي و سكوني؛ ادوس على حروف الكبرياء و أقلب صفحات الماضي التي صدفت انها مضت بالفعل . 

كنت اتنهد بصوت شبه غير مسموع؛

قد بدأت أتعب؛ فإذا بي المح كهلا رث الثياب تملا وجهه التجاعيد و يرتسم الحزن و الكآبة على كامل وجهه؛ عيناه ذابلتان و قد جفت الدموع في عينيه مثلما يجف الواد في فصل الخريف؛ بدى عليه انه يشتكي حرّ الطوى و يجير بداخله دون جدوى خوفا من كرامته الصاغرة؛ لقد جسد لوحة للوهن؛ قد كانت حالته رثة بالفعل

دنوت منه لكي اتحدث معه فصرخ عليّ قائلا: "اذهبي؛ اذهبي قد فات الأوان" و دفعني! استغربت فمن هو؟ و ما الذي حدث حتى فات الاوان؟ قاطع أسئلتي صارخا: "قلت اذهبي"؛ فاستدرت اركض و اصوات صراخ صاخبة في أذني كنت أشعر ان سلاسلا ما تربطني و تشدني لا تدعني أهرب لكنني كنت أصارع بداخلي؛ أصارع ذلك الخوف و ذلك الكبرياء الذي كان كألسنة اللّهب يحرق قلبي. 

ركضت طويلا؛ طويلا كفاية لينقشع الضباب و تظهر لي بوابة مقبرة! 

سكون مخيف يخيم على المكان كذلك الذي كان في طريقي إلى هنا! 

دخلت إليها! لم اتردد لحظة و كأنها تناديني و قد فوجئت بما رأيته! 

أأحدثكم عن تلك التي قتلت بسبب الخيانة! أم تلك التي وقف الصمت بينها و بين موقف وجب فيه الكلام؛ لا أريد ان اروي لكم عن تلك المسكينة التي قتلها اليأس! 

آه كم تحمل هذه المقبرة من حكايات آلام و قهر كتبت بحزن و يأس و شكلتها حطام احلام وردية غرقت وسط الدّجى! 

مهلا لحظة! إني أسمع ذلك الصراخ الذي سمعته لحظة هروبي من ذاك الكهل؛ فجأة إني لمحت غرابا أسودا على شجرة قد تآكلت أغصانها و سقطت أوراقها و فقدت ظلها؛ قد كان يحاول الطيران و كلما رفرف سقطت ريشة من جناحيه؛ و بعد عدة محاولات سقط جثة هامدة! لكن السؤال الذي راودني تلك اللحظة عن سبب عدم مساعدتي له رغم طيبة قلبي! فما الذي يحدث!؟ لم تتحرك مشاعري لحظة و لم تزر دمعة خدي! ألا يزال قلبي موجودا! 

حقا آني لا أعلم! لم أجد أجوبة لها! 

رفعت رأسي فرأيت ذلك القبر على طرفه وردة سوداء؛ كان بعيدا مندثرا في الزاوية شكله لا يدعك تفكر بالاقتراب إليه! لكنني نسيت أمر الصراخ و الغراب و كان أحدا ما دفعني لها! و كانها تناديني مثلما فعلت هذه المقبرة! 

اقتربت رويدا رويدا و جلست بقربه أتملأه عندها أحسست بالخوف! الخوف الذي كان يجب علي ان أشعره عند خروجي في ساعة متأخرة. 

شعرت بالشك الذي وجب علي الشعور به عندما دفعني الكهل! 

شعرت بالارتباك الذي لم أشعر به عند دخولي هنا! 

شعرت بالحزن الذي لم يزرني عند موت الغراب! 

فيا ترى لمن هذا القبر؟ 

تفقدت أسم من و تاريخ الوفاة فذهلت! 

قد كان إسمي مدونا هناك!دون تاريخ وفاة! 

عندها زارتني الأجوبة طارقة بابي فرحبت بها! 

كان ذلك الكهل كبريائي الذي يلومني يوما بعد يوما. 

كان ذلك الصراخ صراخ أحلامي تستغيث؛ فهي تتلاشى! 

ذلك الغراب هو مشاعري التي قتلت! لهذا السبب لم أشعر بشيء؛ ولا حتى بوجود قلبي! 

كان ذلك القبر "قبرا لروحي" 

مقبرة الأرواح🖤

بلقاسمي فريال.



تعليقات