خطوة ... خطوتين ... ثم ثلاث ها يآربي أكيد حان وقت قدوم أميرتي يآرب صبرك
كانت فاطمة وهي تمشي تردد هذه الكلمات فقد أدركت بعد خطوة واحدة أنها ستلد تلك العوض الجميل، بعد أربعة ذكور ستأتي ابتسامتها ظلت تردد:" يآرب فتاة تهون علي ألم الحياة وخذلانها". تربعت فاطمة على عرش زهور الريحان وأدركت أنه المخاض لا محالة، نادت على صديقتها التي كانت تقطف حبات المشمش من البستان هرولت لها نجاة مسرعة..
نجاة : فاطمة أختي هل أنت بخير ؟!
فاطمة : أنه المخاض ارسلي خبر لزوجي.. ارجوك!.
نجاة : حاضر لا تقلقي سأبعث له خبر وسأتي بالطبيب حالا.
( تركت نساء القرية عملهن وسارعن في حملها لبيتها، ما إن وصل الطبيب عرف أنها حالة ولادة )
عم الهدوء في البيت، لكن ضجيج أفواههم بالدعاء لها كان المسيطر.
الجميع ينتظر ليُكسرٓ ذلك الهدوء بخروج الطبيب حاملا بين يديه ابتسامة فاطمة ليقع سؤاله على الجميع مثل الصاعقة
_ أين الأب !.
لترد واحدة من النساء: لم يأتي هو مشغول. نظرت نجاة وباقي نساء القرية نظرة حسرة وخذلان لفاطمة ثم سألها الطبيب:
_ ما اسم أميرتك؟ لتجيبه بفرحة أنستها خذلان زوجها
_ريحانة .. ريحانة ..
ثمرة زهر الريحان كانت جميلة جذابة بعيون سوداء، وثغر بإبتسامة ملائكية. مر الوقت ومرت الثواني ... والدقائق... والساعات ..
والأيام ... والأسابيع... وحتى الشهور... والسنين وريحانة تحت ظل أمها لم تعرف معنى كلمة "أب"، أو ربما السند، كانت كأنها الذكر الخامس لأمها عفوية مفعمة بالحياة وداخلها منكسر!.
كانت تعمل مع إخوتها في الحصاد صباحا وبعد الظهيرة تذهب لبستان المشمس لمساعدة أمها وعند المغرب يعود الجميع للبيت ذات يوم وعند عودتهم رأت فاطمة محمد وهو ينتظرهم عند باب المنزل فأمرت سيف الأخ الأكبر بأخذ ريحانة لبيت نجاة خشية من أن يراها محمد فقد كان شيخ القبيلة الظالم يتزوج البنات وبعد ثلاث ليال يطلقهن او يقتلهن بظلم منه وبإدعاء كاذب مفاده أنهن فاقدات لشرفهن اكملت فاطمة طريقها خطوة للأمام وخطوتين للوراء خوفا من محمد وماالذي اتى به ما إن وصلت حتى بادرها بسؤاله
_ متى ستدفعين لي !
لترد فاطمة : أدفع أدفع ماذا !
صرخ محمد في وجهها قائلا : زوجك أخذ مني خمسين قطعة ذهبية قبل هروبه للمدينة
( كادت فاطمة أن تسقط بعد سماع كلام محمد لم تحملها رجليها بعد سماع هذا الخبر فلو عملت الليل و النهار لن تجمع له نصف هذا المبلغ ) لترد فاطمة
_ لكن ما يأكد لي أن كلامك صحيح !
ليثور غضبه ويصفعها بصفعة اردتها ارضا فقد غضب محمد كثيرا وقال لها
_ يوم الجمعة عند المغرب سأتي لأخذي مالي وإن لم أجده سأقتل اولادك الاربع
وذهب بعدها وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة
وفي الصباح عند ذهاب ريحانة مع اخوتها للعمل رأها محمد فنظر لفاطمة وأخبرها بطريقة مستفزة أنها اذا لم تستطع الدفع له فهو أمر عادي فهو سيدفع لها بدل ذلك مئة قطعة شرط زواجه بريحانة وهنا كانت الصدمة فقد سمعت ريحانة كلامه و وقع كلامه على ريحانة مثل صواعق الرعد أكملت ريحانة عملها وما إن عادت الى المنزل أخبرت أمها أنها موافقة خشية من قتله لإخوتها حاولت نجاة ونساء القرية تغيير رأيها وقيامهم بالهرب ليلة الخميس لكن ريحانة كانت قد أخذت قرارها بالفعل خلدت تلك الليلة للنوم وفي الصباح عند استيقاظها لم تجد أحدا في البيت وهذا من غير عادتهم وعند خروجها من البيت وجدت الصدمة فقد قتل محمد عائلتها لأنه سمع انهم يودون الهرب صرخت من هول الصدمة ما جعل جميع سكان القرية يلتفون حولها وهيا وسط بركة دماء عائلتها إنهارت ريحانة بموت أمها وإخوتها وقررت أن لا تترك دمهم يضيع هباءا منثورا وقررت الإنتقام منه بعد أن أكملت عزاء عائلتها عادت لبيتهم مكسورة القلب جلست في سرير أمها و احتضنت وسادتها واجهشت بالبكاء ليأخذها النوم على تلك الحالة لتفيق على صوت طرق الباب لتتفاجئ بقدوم محمد ثار غضبها وصرخت في وجهه
_ هل نسيت روحي هل أتيت لأخذها ؟ خذها تفضل لم يعد يهمني الأمر لقد قتلتني بقتلك لعائلتي ماذا تريد أكثر ابتعد من هنا ابتعد ارجوك لا أريد أن أرى ظلك بعد الأن
إندهش محمد من جرأة صاحبة السادسة عشر عاما فلم يحدثه أحد بتلك الطريقة من قبل ليرد عليها بهدوء تام
_ أعلم يا صغيرتي أنك غاضبة الأن لكن عليك بجمع اغراضك فبعد ساعتين ستأتي خادمتي لإصطحابك الى قصري فأنت عروس الليلة
خرج محمد تاركا وراءه ريحانة تغرق في مأساتها
جلست تفكر والوقت يمر مرت الساعة الأولى ثم الثانية إلى أن قاطع تفكريها صوت نجاة وراء الباب إفتحي حبيبتي انا خالتك نجاة هرولت مسرعة إلى الباب لتخبرها فوجدتها حاملة لصندوق خشبي صغير ثم قالت لها
نجاة : هذا من عند أمك فقد تركته أمانة عندي وأخبرتني أن أعطيك إياه عند مغادراتك لهذا البيت فأنا أهلك الأن
ريحانة : هل كانت تعلم أمي بهذا !!
نجاة : نعم فقد أتى محمد ليلا وهددها فعلمت أنها هالكة لا محالة
( سقطت الدموع من عين ريحانة وإحضنت الصندوق) وقالت بنبرة حزينة
_ آآه يا أمي ليتك تعلمين ماذا يحدث معي في غيابك فقد أصبحت وحيدة وخائفة بعدما كنت أحتمي بكي
لتقاطعها نجاة بقولها : أنا عائلتك الأن لستي وحدك يا ريحانة فاطمة
إحتضنتها نجاة لتدخل عليهم خادمة محمد وتخبرها أنه الوقت ذهبت ريحانة وكأنها تعلم انها لن تعود كانت مثقلة الخطوات وكأنها ذاهبة لحبل المشنقة دخلت على محمد فرأى في عينيها نظرة الحزن واليأس من الحياة فأشفق عليها بعدها قالت له ريحانة
_ أعلم أن أيامي معدودة هنا وحتما مصيري كمصير إخوتي و أمي
رد محمد وهو يشعر بالأسى اتجاهها : أنا حقا آسف لما حدث معك
ضحكت ريحانة ونظرت له بإستحقار ثم أخبرته : هل تريد مني تصديق هذا الكلام هل أنا غبية ! أم تحسبني طفلة صغيرة يمكنك التلاعب بها !
مضت الأيام وريحانة في بيت محمد على حالها تساعد الخادمات وتنام معهن إلى أن جاء يوم رأها من النافذة تنظف الحديقة وتأخذ وردا وتضعه في صندوقها فصار يراقب جميع تحركاتها حتى تلك الليلة التي تسلل إلى غرفتها ووجد وفتح الصندوق ليرى مافيه ليجد خاتم أمها و ورود ومنديل مطرز بورد الريحان زاد تعلقه بها إلى أن مر عام، وهي في القصر في يوم..
في يوم ناداها و أخبرها أنه يريد أن يتزوجها فقد مر على موت أمها عام كامل و أنه سيترك لها نصف ثروته بعد موته والنصف الآخر إن أتت له بذكر يحمل اسمه وافقت ريحانة وشعور الإنتقام لم يغادرها ثانية واحدة و بعد مرور 3 أشهر من زواجهما عرفت ريحانة أنها حامل فرح محمد وجميع من في القصر وبعد مرور فترة الحمل وضعت ريحانة صغيرها وقد كان أميرا جميلا جدا وبعد أيام من ولادتها أخذت ورقة وتركت له رسالة فوق مكتبه وذهبت لغرفتها
بعد المغرب عاد محمد إلى مكتبه ليكمل عمله فوجد رسالة من زوجته تقول فيها
{ مرحبا قاتل أمي ... أو ماذا تفضل أن أناديك قاتل إخوتي ... لا، ربما زوجي أب إبني.. اليوم سأحرمك ماحرمتني، أعلم أنك تحبني ولكن غرورك وكبريائك منعك من إخباري.. أنظر حولك تركت لك نصف ثروتك التي هي لي، والنصف الآخر الذي من حق إبني لن تشتري ألمي ولو وضعت مال الدنيا في يدي، لكن من شدة كرهي لك أهديتك ألمي كله، وشعور الندم والحسرة مجانا.. تفضل كله لك وسنلتقي عند الله ولن أغفر لك } أسرع محمد إلى غرفة الأمير وجده في حضن أمه وقد توفي وريحانة قد انتحرت.. سقط محمد على ركبتيه وأخذ التاريخ يعيد نفسه.
_ليليا صالحي.
تعليقات
إرسال تعليق